أنقذوا دارفور من الحركات المسلحة

asmaa2 e1631333084390

أسماء جمعة

منذ أن ظهرت الحركات المسلحة وأعلنت تمردها على نظام الطاغية البشير تغيرت حياة أهل دارفور  للأسوأ، ذلك لأن الحركات لم تكن بأفضل من النظام نفسه، ولم  تكن صادقة في نواياها ولا أهدافها. فحركة العدل والمساواة أسهها قادة من كوادر الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني بعد المفاصلة بسبب الخلاف على المصالح والمناصب، وقد كانوا جزءاً من ثورة الإنقاذ التي نكَّلت بالشعب السوداني، وعاثت في الأرض فساداً غير مسبوق. هي حركة عنصرية بدليل أن أغلب مكوناتها من عشيرة واحدة، وتديرها أسرة واحدة.

أما حركة تحرير السودان التي يقودها عبد الواحد محمد  نور، فهي أيضاً تشبه حركة العدل والمساواة مع اختلاف  الإثنية والأيديولوجيا، تعاني من نفس السلبية والأنانية وقصر النظر. ولأن ما بني على باطل يظل باطلاً، لم تستطع الحركات أن تكون على قلب رجل واحد، فتقسمت إلى عشرات الحركات قيل إنها تجاوزت المائة، كلها تحمل نفس الشبه والملامح والمطامح. ورغم أنها اتفقت على شعار  واحد في البداية، وهو رفع التهميش عن دارفور إلا أنها لم تتوحد أو تتفق من أجله، ولم تكن لديها رؤية واضحة ولا مشروع ولا حتى فكرة مقنعة  يمكن أن يلتف حولها مجتمع دارفور. وبدلاً من أن تعالج الأزمات التي صنعها نظام الحركة الإسلامية زادتها، قضت على ما تبقى من سلام اجتماعي، وأصبحت هي نفسها أزمة تحتاح لمعالجة.

المؤسف حقاً أن حركات دارفور ورغم مرور (20) عاماً تقريباً على ظهورها، لم تتغير ولم تراجع نفسها، ولم تحاول نقد ذاتها أو تعيد النظر في نفسها، ما زالت كما هي تكرر نفس الأخطاء، بل وارتكبت أخرى أكبر وأسوأ، وأكدت أنها لا يمكن أن تنصلح أو تكون مؤهلة لأي مسؤولية. ومؤخراً سقطت آخر ورقة توت كانت تخفي سوءتها بعد ثورة ديسمبر التي أعادتها لتسهم في التغيير ولكنها كعادتها فشلت، وانبرت لمعاداة الثورة والوقوف ضد خيارات الشعب. تحالفت مع قتلة أهل دارفور والشعب السوداني، ودعمتهم ليستولوا على السلطة، وقبلت أن تكون جزءاً من نظام البشير  الجديد.

ولكي يتأكد الناس أن هذه الحركات لا خير فيها ولن تتصلح أبداً فلينظروا إلى قادتها، فهم إما ينتمون للحركة الإسلامية التي يجري الفساد في دمها ويختلط مع جيناتها، أو أنهم نبت شيطاني نما في مستنقعات الفقر والجهل التي صنعها النظام المخلوع، وهؤلاء لا ينتمون إلا لأنفسهم.

منذ أن ظهرت الحركات ظللنا نكتب ونقول إنها لم تخرج من أجل رفع التهميش عن أهل دارفور ، فقد كان ذلك الشعار “كلمة حق أريد بها باطل”، استخدموه وتاجروا به. كما استخدم النظام المخلوع شعار المشروع الحضاري وتاجر به، وهي اليوم حسمت أمرها، فمن أجل مصالحها الشخصية وحماية نفسها توحدت مع العسكر ومنظومة الفساد والإجرام التي تركها النظام المخلوع، وأصبحوا يعملون معاً من أجل فرض نظام يلائمهم، يواصل حرمان الشعب من أحلامه بالحرية والسلام والعدالة.

بصفة عامة، الحركات المسلحة فشلت في أن تقدم لأهل دارفور مشروعاً يجمعهم ولا رؤى توحدهم، وليست هناك أي إشارة تدل على أنهم سيخدمون دارفور مستقبلاً، بل أصبحت هي المعطلة الحقيقية التي تنذر بخراب دارفور والسودان. على أهل دارفور التحرك لإنقاذ أنفسهم وإنقاذ السودان اليوم قبل الغد، لابد من حملة تسحب البساط من تحت أقدام هذه الحركات وتقدم حلاً وطنياً يعيد لدارفور الأمل بمستقبل جيد.

توحدت الحركات مع منظومة الفساد التي تشبهها، بهدف تصفية ثورة ديسمبر ووقف عجلة التغيير. يجب التضحية بالحركات من أجل دارفور والسودان، وليس التضحية بدارفور والسودان من أجل الحركات.

mango whatsapp mango whatsapp

السابق

الاستراتيجية “الدراكولية”

السابق

الطلاق السياسي والـخيانة الفكرية٢ ..

أكتب تعليقك

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

1 × ثلاثة =